لست كاتبة و لكني أكتب ٢

The-Tree-Of-Life

عن اللوحة :
غوستاف كليمت | Gustav Klimt
كانت لوحته التي تسمى بشجرة الحياة مدخلاً لكتابة رقعتي التي ألقيت فيها حبر أحرفي المتشبعة بإرادة الحياة. لا أعرف أن أخلق نصاً مفعماً بالحياة كلوحة السيد كليمت، لكن أملك إرادة الحياة، أملك وجع الحياة وضدها. أنا أملك الأضداد.
يقال بأن تفسير هذه اللوحة تقع في تعقيد الحياة وحتميتها، حيث الجذور تعني مولدنا ونمونا بهذا التعقيد وأكثر إلى حيث نستطيع أن نلمس السماء بأطراف أصابعنا أو بأجنحتنا حيث اللحظة الأبدية التي يقف فيها الزمن. ولكن مايحصل في النهاية هو العودة الحتمية للأرض حيث كانت البداية نعود في النهاية.

عن الحياة :
حيث كانت تسير على أطراف أحلامها بتفاؤل وتقفز بين حين وآخر وتسابق الزمن، كانت تلقى مصيرها يصرخ في وجهها لتقف فلا مجال للحياة من حيث لم تعرف المعنى من أن تسير خلف حلم. ومن معنى تحقيقه.

ثم حكت لي ذات مرة :
لم تكن تثق بكل مايقال لها عن التفاؤل والأمل رغم أنها تعتقد بأنهما الحل الأمثل لمواجهة الحياة. كانت في كثير من المواقف وبإصرار شبه متعمد أن تسخر من التفاؤل وتسخر من المتفائلين بالجملة. كانت تعني كلماتها حرفياً بأنهم ساذجون فهم يحاولون أن يحجبوا قبح الواقع المحتوم ويجملوه بالوهم والخداع. كانت تتأمل في المعنى طويلاً وتبحث فيما وراء المعنى لأنه لا أسهل من إدعاء الفرح بإبتسامة مصطنعة وإدعاء السعادة بخلق قصص وتحويرها وهي لم تقع في حياتهم بعد. السعادة تعرف كيف لا تستجيب لكل أولئك الذين يطمحون لها وهم واقعون تحت تأثير الكسل، واللامعنى، الواقعون تحت تأثير المؤقت و المحدود، وفي فخ المثالية المفرطة.

كان جيداً لها أن تفعل ذلك يعني أن لا تكون سلبية ومتشائمة لكن لاتحاول أن تقنع بالتفاؤل الرخيص الذي يروج إليه كل أحد، كان مفيداً لها أن تتألم كثيراً، وأن تشك في كل مهرج يحاول أن يكتب تجربة من اللاشيء كذباً محاولاً خلالها إقناعها بقشرة سطحية لا تتشكل إلا بعد عوم طويل داخل النفس بقوله: “الحياة حلوة أو مافي شيء مستحيل”. كان صحياً أن تكفر تماماً بنتاج تجاربهم لتترك لذاتها أن تسقط في أبعد نقطة يمكن الوقوع أن يوصلها إليها. حتى تؤمن بأن كل وقوع صادق له مخرج أكثر صدقاً. كانت خلال وقوعها تمر بتجاربها السابقة وبالقديم المتكدس في أسطوانات الماضي. اكتشفت الكثير وترآئت أمامها مشاهد صامتة لم تعد تتذكرها. وحين وصلت للبقعة التي رمتها فيها الحياة بقبول منها، في تلك اللحظات ووسط الضباب واللارؤية فقط اتضح شيء ما أمامها أخيراً، كان رقيقاً ودوداً يحاول أن يغريها بهالته التي تشع من خلاله، هو لم يلح عليها أن تتشبث به، لم يكن شيئاً واضحاً، وكأنه إيمانها المزروع في داخلها والمنسي تماماً، ذاك الذي لا نصل إليه إلا حين نواجه أنفسنا بصدق. في ذلك الوقت كانت تشعر بأن وعيها لا يكاد يعي ولاوعيها بدأ بأن يكون واعياً فكل شيء تمر فيه لم تعد تعرفه بمعنى واضح إلا تلك الهالة التي بدأت تتضح أمامها وتكبر في داخلها مخالطة ألمها برفق، كانت تحاول أن تقول بلغة بسيطة أخيراً بدأتي إدراك ذاتك. فلا شيء آخر نستطيع خلاله اقتحام الحياة سوى تآملنا الواعي بقوتنا الداخلية حيث أنها السبيل إلى الحياة. هذا هو الأمل الذي يروض الحياة ويبقي لها نبضاً يضعف أحياً ويزداد قوة أحياناً أخرى.
لست أحاول القول هنا بأن ماحدث لها كان بسيطاً وأن الوقوع هو الحل الوحيد وأن التفاؤل جرعة سامة، لكن الحياة لا تأتي إلى أحد، لا جدوى إلا في السعي إليها خلال إنسانية تقبع في أعماق الإنسان، لا تتضح إليه دون أن يصرعلى أن يجدها. قالت لي: اتركي سطوة الإنسان الباحث عن الجمال تكبر فيك واتركي المعاني الجامدة ولا تطيلي النظر فيها. كل شيء قابل لأن يكون على النحو الذي نريد له أن يكون بصورة أو بأخرى، إلا أن الزيف قابل لأن يتسلل ويندس وهو كل مايجب أن نخشاه.
لا أعرف إن كنت أصدق كل هذا أو أقر فيه لكني أجد نفسي دائما أميل لأن أقبل بالوجه الأزرق من الحياة أكثر من الوردي لكن الأزرق يعطي المعاني وتناقضاتها ولا نشعر خلاله بأن شيئا ما يرفض الآخر. فلو تخيلنا أن الكدمات زرقاء فإن السماء التي تستقبل الصلاة والأحلام زرقاءة أيضا !!

0 thoughts on “لست كاتبة و لكني أكتب ٢

  1. يقول Kath:

    لعنة الوعي!
    تجرنا لحبائل اليأس.
    مالعمل!

    ع فكرة عندي قلادة فيها الرسمة أعلاها
    شٌكراً لهذه الصدفة وشكراً لمشاركتنا هذا الجمال يافاطمة

    • يقول fatimahsalem:

      اليأس ليس النهاية هكذا أظن ، سينكشف معنى اخر ربما.
      يالجمال هذه المصادفة. فلتجعليها قلادة تهديك الحياة. شكراً لوجودك أنت.