في صغري كنت أعشق القصص، وأكثر مايستهويني “قصص التاريخ “، كنت مولعة بشخصية الفاتح، يشدني كثيراً عندما اقرأ عن أمجاده وفتوحاته، أحببت اسطنبول دون أن أراها،وخبئت حلم أن أزورها في أعماقي ولا يزال..!
قبل شهرين تقريباً زارتني القسطنطينية بعد أن كنت أنا من يتمنى زيارتها، أتتني في شكل صور وحكايات وتاريخ، قاطعةً كل البحار والحدود جواً داخل حقيبة!! تلك المدينة هي ذاتها التي أنجبت لنا سلطاناً غير كل السلاطين، من هناك أُهدي إلي ختم السلطان محمد ، حُفِرَ لي في قطعةٍ مصغرةٍ من بلاط قصره، نُحِت مذهباً كما كان يتركه بصمةً عنه في كل نصر، خَلَدهُ اسماً ورسماً ومجداً!!
حملت في قلبي كثير إمتنان لمن أهداني ذلك الإهداء الفريد “شكراً هناء، شكراً نهى”!!
اندهشت جداً عندما عرضوا علي تلك الصور وذلك التاريخ على رصيف قلبي ،عندما حكوا لي عن تلك الحضارة، عندما حدثوني عن البانوراما،تلك التي أعادتني إلى ذلك الحلم وتلك الأمنية..
قالوا:”هو مبنى مقبب صمم خصيصاً لتسجيل وقائع ذلك النصر وذلك الفتح “فتح القسطنطينية”،عندما تضع رجليك داخل تلك التحفة الفنية، تجد نفسك في ساحة المعركة تحت ظلال السيوف بجانب ذلك الجيش العظيم الذي قاده الفاتح!!
تتملكك الشجاعة فتكبر بصوتك العالي، وتفخر بتاريخ أمتك وتعتز بأنك خليفة لذلك الركب!!
تسمع دوي المدافع، وصليل السيوف وصهيل الأحصنة وأصوات الانتصار تتقاذف عليك من كل حدب وصوب!!
تتأمل العزة التي فقدت، والعظمة التي رحلت، وتعد نفسك بأنك ستكون أحد من يعيد ذلك النصر وتلك الحضارة يوماً”!!
أخذ الحماس من قلبي كل مأخذ ولمعت عيني وقلت أؤمن بأن لكل أجل كتاب!! سيعود مافقدناه وقريباً بإذن الله!!
سنستعيد ماضاع، سنعمل من أجله كثيراً، يقول الدكتور طارق السويدان: عندما نكون ربانيين، متعلمين ومتقنين لتخصصاتنا ومهارات القيادة، فاهمين للحضارة والحياة سنستعيد حضارتنا وسنصنعها من جديد !!
أكثر ما انجذبت إليه في السلطان محمد الثاني من خلال تاريخه وقصصه وجهاده ، ليس جيشه الضخم ولكن شخصيته الذكية المبهرة، ذاك التخطيط الرهيب والاستراتيجية المحكمة، الإبداع الذي جعله يدبر أمر تلك القسطنطينية التي استعصت على الكثير من الخلفاء والسلاطيين قبله، ذاك الاتقان و تلك الشجاعة ماجعلاه ينتهي منها في ليلة واحدة وعلى حين غفلة من البيزنطيين، كان قائدا ربانيا حكيماً حتى أنه مات مجاهداً في طريقه لفتح ايطاليا”روما”ولم تفتح بعد..!!
ذلك الفتح وتلك الشخصية بكل حذافيرها أصبحت تتربع عرش عقلي، ولن يزول تأثيرها عن قلبي وفي التاريخ!!
لله درك أيها الفاتح!!