* نشر في ساقية
البلوز هو نوع من أنواع الموسيقى والغناء نشأ في ولاية المسيسيبي على يد الزنوج حين كانوا تحت حكم الأمريكان ذات البشرة البيضاء، حيث كانوا يرددون الأغاني بطريقة صيحات يبدؤها واحد ويردد خلفه الباقيين. تتبع صيحاتهم أصوات الفأس لتعطي نغماً موسيقيا متناسقاً. كان هذا الغناء في بدايته تعبيرا عن الغضب وطمعا في الحرية، وكان أحد سبل الخلاص. أما عن الكلمة، فكثيرا ما نسمع تعبير “بلو” على المزاج الحزين، وكذلك هي أغاني البلوز تحمل طابع الحزن والألم بقدر المعاناة التي عاناها الزنوج في تلك المرحلة. ولعل هذا التعبير له علاقة مباشرة بأغاني البلوز فقد قيل أن البلوز يعني “ممسوس بعفاريت زرق” أي الشخص الواقع تحت تأثير العفاريت التي تسبب الحزن والألم. وربما لا علاقة للون الأزرق بالتعبير (بلو) المعروف بالإنجليزية عن المزاج الحزين، لكن نستطيع القول أن “بلو” مصطلح أدخله الزنوج للغة الإنجليزية تزامنا مع غناء البلوز حيث كلاهما يعبران عن الحزن. تقول رشا عبدالمنعم :
ولا يعرف على وجه اليقين من الذي قام بإدخال هذا المصطلح “البلوز” إلى قاموس اللغة الإنجليزية، ولكننا نعلم أن أصول المصطلح ترجع مباشرة إلى الأميركيين الأفارقة الأوائل الذين نظموا كلمات هذه النوعية من الأغاني، وكذلك رجال الدين السود الذين ترنموا بهذه الأناشيد التي غلب عليها طابع الحزن. موسيقى الأحزان ويجمع بين أصول هذا النوع من الغناء أنها كلها كانت من أهم صور التعبير عما يجيش بصدور هؤلاء الفئة المضطهدة ولاسيما في الأعوام الأولى التي عاش فيها السود في أميركا بعد هجرتهم القسرية إليها، ومن ثم تأثر الموسيقيون والمغنون السود بقصائد الشعر الغنائية الاسكتلندية، والترانيم الكنسية لأصحاب مذهب الميثوديست والمعمدان.
تطور هذا الفن بعد تحرر الزنوج ولكن لم ينتهي الألم بعد قصدهم الحرية ونيلها، بل ظلوا يعانون من الفقر والجهل الشديدين، لكن غناءهم أخذ منحنى جيد بعد دخول آلتي الهرمونيكا والجيتار ومن ثم لاحقا البيانو.. حتى أصبح من أشهر أنواع الغناء الأمريكية.
وللبلوز طريقته وأسلوبه الفريد، فقد ذكرت رشا عبد المنعم :
تُؤدى موسيقى البلوز التقليدية في شكل 12 فاصلة موسيقية، تنقسم إلى ثلاثة مقاطع ويتكون كل مقطع من أربعة فواصل موسيقية. وتتألف معظم كلمات أغاني البلوز من العديد من المقاطع الشعرية كل منها مكون من ثلاثة أسطر. ويكون السطر الثاني من كل مقطع تكرارا للسطر الأول، ويعبّر السطر الثالث عن جواب للسطرين الأولين. وتعكس معظم الكلمات الشعرية لموسيقى البلوز الوحدة والحزن، ويعكس البعض الآخر ردود الفعل الساخرة والتحدي لمشاكل الحياة. وتعتمد موسيقى البلوز على الصوت والموسيقى ( آلة الغيتار تحديدا ) وعلى ما يسمى بالـ blue nots وهي النوتات المنخفضة والتي هي أساس موسيقى البلوز والجاز وهو الاسم الذي أخذته واحدة من أهم وأشهر شركات الإنتاج Blue Note والتي تخصصت في إنتاج البلوز والجاز ولها فضل كبير في نشر هذه الموسيقى في أنحاء العالم ودعم معظم الموسيقيين الذين أصبحوا أعلاما في تاريخ الموسيقى.
ومن أشهر موسيقي البلوز هي قطع كريستوفر هاندي الموسيقية التي نشأت عام 1912، وأحد هذه القطع هي “ممفيس بلوز” وأول تسجيل لها كان عبارة عن ٣ دقائق فقط.
ولعل الأكثر شهرة في هذا الغناء اليوم هو بيبي كنغ (المولود في 1925) حيث حازت ألبوماته على توزيعات هائلة وشهرة كبيرة. (للاستماع)
للاستزادة : تقرير من بي بي سي الانجليزية عن مقطوعة كريستوفر هاندي “ممفس بلوز” / «البلوز» .. موسيقى حصاد الزنوج زمن العبودية وصيحات الانعتاق” بقلم رشا عبد المنعم في صحيفة البيان