*نشر في ساقية
حسين جميل البرغوثي (1954- 2002) شاعر ومفكر فلسطيني. عمل أستاذًا للفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت حتى عام 1997، وأستاذًا للنقد الأدبي والمسرح في جامعة القدس حتى عام 2000. وأثناء هذه الفترة كان عضوا مؤسسا لبيت الشعر الفلسطيني وعضوا للهيئة الإدارية لاتحاد الكتاب الفلسطينيين ورئيسا لتحرير مجلة اوغاريت ومديرًا لتحرير مجلة الشعراء حتى رحيله في عام 2002 مريضًا بالسرطان.
تحدث حسين البرغوثي في نص (محاولة أخرى لتقديم نفسي) كتبه لمجلة مشارف (عدد ٢) بتاريخ ١ سبتمبر ١٩٩٥ عن الشعر وذاته كشاعر يقول فيه:
الشعر بالنسبة لي حوار مرعب، مستفز، وله نشوته. بين القمم والهاوية، بين الحلم واليقظة، بين الموت والحياة، بين الموجود والوجود.إنه حدس بأن كل الكون صدفة، وبأن الصدفة لاتفسره. وبأن العابر والمستقر وجهان للتفسير وليسا تفسيرًا.
مضيفًا على كلامه معنىً للشعر الحقيقي:
أعني بأن الشعر الحقيقي رؤيا تشبه رؤية العدم في قبضة من تراب. ورؤية الرب على أصغر برعم ورد. ذهول مطلق من الموجود والوجود. يظهر في محاولة دائمة لإزاحة كل تفسير وكل معنى وكل رابطة تستأنف الموجود والوجود وحتى إزاحة لهذه اللغة التي تسمح لنا بـ“تسمية الأشياء”، وبالتالي بالبحث الدائم عن “اللا مُسمَّى”.
قال أيضاً :
إن الشعر ليس إلا فتحة في الكون على الكون، والشاعر يوسع الدهليز داخلًا أعماقًا لم يرها أحد من قبل. خارجًا نحو سطوح لم يرها هو من قبل، وكثيرا مايحتاج ليس للحياة فقط. بل لتحويل “التجربة الحية” إلى معرفة. معرفة تشبة اللذة، لذة الكشف ،لذة إعادة الصياغة ،لذة القوة، وإرادة تصور الوجود.
اعتباره بأن الشعر هو الحقيقة:
الشعر هو الحقيقة، لأن الحقيقة مثلما أشار (نيتشه) مجرد تشبيه منسي. الشاعر لا ينسى الوجود كتشبيه، ولكنه ينسى باستمرار أي تشبيه هو بالضبط! والبحث عن تشابيه بحث عن حقائق من جهة وتعرية لـ “الحقيقة المألوفة” من ذاتها لتسترجع توهجها كتشبيه أصلي. وهكذا نلاحق الوجود، نحفر أمكنة تشبه الأمكنة.