هذه السطور أضعها هنا كما أوحتها لي الطبيعة الجبلية الملهمة ! لا أريد اللعب بالحروف التي حفرتها هناك، هي نتاج التأمل والسحر لذا لم أدمجها ببعضها بل تركتها متفرقة!
1) ما أصعب أن تشق الحزن وتتكيء عليه لتصعد سلالم النجاح، لكنها الخطوة الأولى لرؤية الهدف المتسمر كعلم مغروس في قمم الجبال! أن تتجه إليه في طرق مستقيمة ويسيرة تخطئ كثيراً في حق أحلامك ونفسك، تذكر كما لا تنسى أبداً أن القمم نأتيها في طرق متعرجة، ممتلئة بالحجارة، تفقد فيها أنفاسك كأنها الروح الصاعدة للسماء، بل هي الخطوة التي لابد منها لتصل.
2)إن الحياة في الأرياف تناسب من يهتم بالتفاصيل مثلي، من يعتني ويهتم بتشكل الغيم في السماء، من يلحظ عناق السحب للقمم ، من يترنم بصوت الماء المنسكب في الجداول، من يرتكب مخاطرة صعود الحجارات المكدسة وملاقة الرياح المتسارعة !! التفاصيل في الريف ليست فقط تلك، بل هي طريقة حياة فيها الكثير من العزلة بعيداً عن ضوضاء البشر ومن العبث والحضارة المدنية، فيها العديد من التلاحم الفطري بين الإنسان والحيوان والطبيعة، فيها التوسع في دائرة التأمل في حجم التعاسة التي وجدنا فيها وباتت أقدارنا، إلا أننا نحظى بأجزاء متفرقة من سعادة تتخللها!! الريف علمني كيف أعشق تفاصيل روحي، وأتعلم الحب الذي لا يتعلق بالأرواح وإنما بالجمال، وربما الأماكن ، والمساكن البعيدة، تعرفت على روح الطبيعة ، وذاب في قلبي حب الجمال الإلهي الذي يبصر له القلب قبل العين، والعقل قبل النفس!! إنه جمال الله في الكون!!!
3) إن الطبيعة وحدها تكفي لتكون معلماً! فإن أحسنت الإصغاء إليها بقلبك، وجوارحك، أكرمتك ونفعتك دهراً! لطالما كان التأمل صفة مرافقة لي، لذا أهتم بالتفاصيل جيداً واعتني بها كثيراً فهي وليدة التأمل و المراقبة ! كان الريف الفرنسي الذي سكناه لمدة أسبوع كامل، مورداً ضخماً لي للتعرف على أسرار الطبيعة وجمالها!
فكم أشتهي العودة لأعيش جزءً من عمري في ذلك الكوخ، الواقع على جبال الألب، ذلك الجبل الذي ليس له ولحدود الدول أو جغرافية الحدود أية صلة، فهو ذاته بصلابته وشموخه، سواءً كنت في الجهة الفرنسية منه أو الجهة السويسرية !!
أبصرقلبي في الريف السلام الروحي، والهدوء المتناغم مع زقزقة الطيور ، وهدير الجداول ! كان لكل شيء طعم و مذاق مغاير عما عرفت يوماً، كالماء البارد الجاري من الجبال عبر ذاك الغدير مخترقاً الصخور و متسللاً خفية خلف الشجر، به رويت ظمأ قلبي قبل عطشي،به اغتسلت روحي، به كان بالإمكان كل شيء حتي الوقوع في الحب، إن تلك البقعة من الأرض هي تماماً قصة حب قد يقع بها أي بشري يفتنه الجمال،وأنا وقعت في فخها، عندما أصغيت وأصغيت لسحرها، وانسجمت مع لغة الكون فيها! عندما خلعت عني عمري وعدت أدراجي طفلة ، تلهو على العشب دون حذاء، تفرح بالمطر وتستمع إليه كعذراء يلهمها لتكتب الشعر، كان الريف تجربة جمالية ووقعها في نفسي كالسحر، طهرت القلب، وضمدت الجرح ، وأزالت الرتوش المحيطة بي !!
لكن أن تدمن ذاك المكان وأنت تعلم أنك مفارقه هو جرم كبير لنفسك ! لأنك عندما تفقد مكاناً يشبهك تماماً كأنك تفقد روحاً تشبهك، هو الفراغ الذي يعتريك من الفقد، والهجوم الذي يباغتك من الذكرى، فما أقسى لحظة الوداع، أقمت طقوساً لذلك الوداع كأن جمعت بعض الحصاة من تلك الأرض ودفنتها بين كفي، وابتسمت أن لن أنساكِ يا حباً احتضنني وياوطناً مد يده لي!!
آه، كم اعشق الأريفات، أنها الطبيعة التي تجعلكَ صامتاً منصتاً، منجذباً لكل الجمال الساحر فيها. إنها صنعةُ الله التي لم تمتد لها يدُ البشر، فطرة سليمة وأرض بِكر.
شكراً على هذه الصفحة الجميلة يا فاطمة 🙂
أهلاً بكِ شيماء صاحبة الحرف الدافيء والعميق 🙂 أحرفي تنحني لكِ شكراً ، وقلبي كسب صديقة حرف جديدة أهلا بكِ دائماً عزيزتي
لا داعي للصور الكلمات اخذتني لابعد منها ..
سلمت يمينك على الاحرف الرائعه والمعاني الساميه
دمتي مبدعه 🙂
🙂 أهلاً بكِ دائما هنا.. وأشكر لكِ كلماتك وحضورك