* نشر في ساقية
جان جاك روسو (1712 – 1778) هو كاتب وفيلسوف جنيفي، يعد من أهم كتاب عصر التنوير، وهي فترة من التاريخ الأوروبي، امتدت من أواخر القرن السابع عشر إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلاديين، وهي حركة سياسية، اجتماعية، ثقافية وفلسفية واسعة، اشتهرت فترة التنوير بكل أشكال الفكر الذي يريد تنوير عقول من الظلام والجهل والخرافة، مستفيدا من نقد العقل ومساهمة للعلوم. الجدير بالذكر أن فلسفة (روسو) قد ساعدت في تشكيل الأحداث السياسية، التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية. حيث أثرت أعماله في التعليم والأدب والسياسة. يقول (جان جاك روسو) في كتابه الشهير (دين الفطرة):
الإنسان فاعل حر. فعله إذن منه، ومايفعله بإرادة حرة لايدخل في النظام الذي اختاره الخالق بتدبيره وحكمته، فلا يجب إضافته إليه. الرب، المدبر للكون والساهر عليه، لايريد الشر الذي يقترفه الإنسان بالإسراف في استغلال الحرية المخولة إليه. لايمنع حدوثه، إما لأنه بلا تأثير نظراً لتفاهة فاعله، وإما لأن منع الشر لا يتم إلا بنفي حرية البشر وهو شر أكبر إذ يطعن في قيمة الإنسان الذي أوجده الرب لا ليفعل الشر بل ليُقبل على الخير مختاراً. ولكي يختار وفر له القوى الضرورية لذلك، مع وضع حد لها حتى لا يُخل الإفراط في الحرية بتوازن الكون. الشر الذي يفعله الإنسان يعود عليه بالضرر بدون أن يؤثر سلباً على النظام العام وبدون أن يمنع الجنس البشري من أن يواصل، مهما فعل، مسيرته. من يتذمر من أن الرب لا يثني الإنسان عن فعل الشر يعترض في الواقع على أنه حاباه بطبيعة ممتازة وأضفى على أفعاله صفة الأخلاق التي تزيدها شرفاً و تكريماً، إذ بها ندبه إلى التحلي بالفضيلة. أيه سعادة أكبر من الشعور بالرضى على النفس؟ وحتى نستحق تلك الغبطة وضعنا فوق هذه الأرض أحراراً لنختار، وبلانا بالشهوات ليمتحننا ووهبنا الضمير لنقاومها. هل كان في وسع القدرة الربانية نفسها أن تهب لنا أكثر مما فعلت؟ أكان وارداً أن تضع الصراع والتناقض في قلب طبيعتنا وتجازي على الخير من لا يقوى على الشر؟ ويحك أيها المتذمر! حتى لا يكون الإنسان شريراً أكان على الباري أن يسجنه في حدود الغريزة ويجعل منه بهيمة؟ جاشاك ربي ومالك روحي أن ألومك أبداً إذ جعلتني على صورتك لأكون مثلك حراً وخيراً وسعيداً.