لن أتحدث عن الفيلم من ناحية علمية على الرغم من أن فكرة الفيلم العلمية تنطوي على السؤال: هل حقاً يستطيع الكمبيوتر مستقبلاً الوقوع في الحب مع البشر؟ لكن سأتحدث في فكرة هل البشر أغبياء لهذه الدرجة ليقعوا في حب كمبيوترأو آلة؟ رغم سهولة الإجابة على سؤال كهذا وبديهيته إلا أني أظن بأن الأمر أكثر تعقيداً من البداهة تلك. فيقول المسيري: بأن العلم والتقنية لو انفصلت عن القيمة فهي قد انفصلت عن الإنسان. وهل هنا القيمة انفصلت عن الإنسان؟ لوهلة ستقول لا. لأن الفيلم يتحدث عن القيمة العاطفية للإنسان وهي “الحب أو الارتباط” وهذا عكس ماترمي إليه مقولة المسيري. ومايثبت ذلك هو أن الفيلم بصورة مباشرة يحاول اقناعنا بأن الآلة تستطيع أن تشعر بك وتتعاطف معك “وهذه صفة انسانية”. إلا أن الحقيقة التي تعريها فكرة الفيلم هي قابلية البشر لتبني مايخالف تكوينهم الفطري، بخلق وتركيب نفس الوظائف في جهاز بإمكانهم التحكم فيه وسيطرته وتطويره ليتجاوب بالطريقة التي يردونها هم، ثم إقامة علاقة عاطفية معه. نلاحظ من خلال الفيلم أن البشر مستعدين أن يخسروا علاقات حقيقية فيها ثغرات طبيعية مقابل أن يكسبوا مشاعر من تكوينهم، ويطوروها كما يريدون بحسب احتياجهم الذي يتلائم مع طريقة تفكيرهم ونفسياتهم ومزاجاتهم، بغض النظر عن وجودها الفعلي والواقعي والحقيقي. وذلك بالضبط ماحدث مع بطل الفيلم ثيودور حين تجاوب مع أمور الطلاق من زوجته -بعد خلافات نشأت بينهما- التي كان يحبها ، لأنه في لحظة الطلاق تلك -التي حدثت بعد انفصاله عن زوجته فترة- كان قد وقع في حب سمانثا التي تقبع في جهاز كمبيوتر لا جسد ولا روح لها. كما أن الفيلم صور أن البشر في كامل الإستعداد للمجازفة في البقاء على علاقة مع آلة من المجازفة للارتباط وتكوين علاقة مع كائن حي حقيقي والبقاء معه، علاقة بين إنسان وإنسان آخر.
إذن ماذا سيخسر البشر لو ارتبطوا ارتباطاً عاطفياً بآلة أو كمبيوتر ومن ثم انتهت لأي سبب كان؟! من وجهة نظري فإننا في حالة الإرتباط بكائن حقيقي لربما نخسرشريكاً، ولكن في علاقتنا مع الآلة فإننا سنخسر أنفسنا إلى الأبد. وحين نخسر أنفسنا فنحن نخسر الإنسان فينا. وهذا الذي لايريده المسيري وينقده بالتفصيل في كثير من كتبه ونظرياته والذي يتلخص في قوله الذي ذكرته في البداية، وهو أن لا نخسر الإنسان.
والآن وبعد القراءة السريعة والمختصر للفيلم هل تظنون بأن البشر أغبياء حتى أنهم يقعون في الحب مع آلة أو كمبيوتر؟
بالنسبة لي شخصياً فأنا شعرت بالحزن، وطوال الفيلم كنت أشعر بالحزن يأكل قلبي شيئاً فشيئاً، بعد كل حدث كنت أتمنى من البطل أن يتفاعل مع الأمر بصورة مختلفة مغايرة وطبيعية كإنسان، إلاّ أنه خذلني.